ناصر أبوطاحون يكتب : دروس ما جرى فى حلوان

ناصر أبوطاحون

تستأجر الحكومة شركات دعاية و إعلان أجنبية للترويج لها فى الخارج عموماً و فى امريكا على وجه الخصوص ، و تدفع لها بالعملة الصعبة لكى تكتب عنا فى الصحف و المجلات و تروج لنا فى وسائل الإعلام الغربية
و تفشل هذه الخطط فى إضافة اى شىء  يستحق ما تحصل عليه هذه الشركات من أموال
و دائما تأتيك فرص فى حياتك اما أن تستغلها و تحرز اهداف او تتركها تمر ثم تعض عليها أصابع الندم بعد فوات الأون، غير ان هناك من يعبث فى الفرصة التى تأتى أمام مرمى خالى  و يضيعها على نفسه و على غيره
وفى حادث حلوان الأخير كانت هناك جملة من الفرص الهائلة  التى أضعناها جميعها و جلسنا نكرم مدير الأمن رغم أنه لم يقدم ما يستحق عليه التكريم
أهم هذه الفرص على الأطلاق هى ما قدمه الشعب المصرى  فى تلك المواجهة عندما غابت السلطة تماماً ، سواء على صعيد الإلتحام المباشر مع الإرهابى، او بالتجمع الشعبى الساخط حول افرهابى فى لحظات ، وصولاً للتوثيق التاريخى لتلك اللحظة بكاميرات الموبايل، وهذا فى يقينى الأهم و الأخطر
فلو حضر كل مخرجى السينما فى العالم لإخراج مشهد يعبر عن رفض الشعب المصرى للإرهاب و حرصه على مواجهته بصدره فلن يستطيع أن يقدم صورة أفضل مما تم تقديمه ، مع فارق  ان السينما تتم وفق قواعد الاعادة و البروفات و اسلحة تصدر اصوات فقط
 لكن ما جرى  فى حلوان فتم لمرة واحدة و تحت الضرب بالرصاص الحى و القنابل و الحزام الناسف
 لو دفعت الحكومة مليار دولار لإنتاج فيلم عن الإرهاب فلن يخرج بتأثير يعادل واحد فى المائة من هذا المشهد الشعبى تأليفا و إخراجا و تصويراً
لكن لأننا أساتذة فى إهدار الفرص، و متخصصين فى إهالة التراب على الجيد ، و متميزين فى تقديم التافهين أهدرنا كل ذلك
 و خرج علينا أحد جهابذة وزارة الداخلية ليخبرنا بغباوة شديدة ان البطل الذى استقبل ماسورة البندقية بصدره و سيطر على الإرهابى مسجل خطر  و له تاريخ إجرامى و لا يستحق تلك الضجة المثارة حوله
هل وصلت التفاهة و الغباوة و التهافت إلى هذا الحد؟
الرجل قدم ما قدم دون ان ينتظر شيئاًو لا اعتقد أنه فكر فى لقاءات تلفزيونية و لا حوارات صحفية و لا استهوته النجومية فى تلك اللحظة ، لأنه لو فعلها و فكر فى ذلك ما كان اقدم على فعلته  وهجم على الارهابى المسلح
فمن يفكر فى تلك البهرجات يكون حريصاً على الحياة بما لا يدفعه لتلك المواجهات التى يمكن ان تفقده الحياة ذات نفسها فى لحظة
و لكن يبدو أن هناك من يستكثر على الشعب وجوده الفاعل فى المعركة، و يرفض دوره رغم أنه الدور الأهم على الإطلاق
فالشعب أرسل رسائل للجميع من قلب حلوان، نرفض الإرهاب.  نواجهه بصدورنا.. لا فرق بين مسلم و مسيحى .. إذا سقط منا فرد استبدلناه بألف فى لحظة
أى شىء يريده أى نظام فى معركة مصيرية أقوى مما فعله الشعب فى حلوان؟؟
لا أعتقد أن نظاماً يمتلك الحد الأدنى من الرشاد  بوسعه أن يرفض ذلك أو يسفهه او يقلل من أبطاله لحد النيل منهم و تجريسهم على وسائل الإعلام
لقد قدم الشعب القائد و المعلم دروسه و رسائله ووثقها  و أرسلها لأصحابها  من ارهابيين و داعمين فى الداخل و الخارج
و كان على النظام أن يتلقف الدروس و الرسائل و يعمل على تسويقها و داخلياً و خارجيا لكى يتسنى له كسب المعركة  بشكل حاسم ونهائى
و لكن ما باليد حيلة
ماذا نفعل مع ذلك المصدر الأمنى الذى  كان حريصاً على إفساد الفرصة على البلد و اتهم بطل شعبى اسمه صلاح الموجى بإنه مسجل خطر ،علما بأن الموجى يمتلك "فيش و تشبيه" صادر من وزارة الداخلية يؤكد أن صفحته نظيفة و ناصعة
يا أيها المصدر الأمنى حنانيك على البلد ، "العملية موش مستحملة"